الأربعاء، 5 يوليو 2017

الحالة الاجتماعية في حارم

الحالة الاجتماعية في حارم
                                          إعداد: محمد أحمد الأحمد 
لعل أصدق القول كلام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه مقراً بتأثير البيئة على الفرد بعد الولادة وليس له علاقة بالمورثات ويبدأ من المنزل فالمدرسة ثم الحي فمكان العمل والمجتمع بشكل كامل.
أي أنّ للبيئة المحيطة بالإنسان دور كبير في توجيه سلوكه وتصرفاته ولها دور كبير في تغير سلوك الأفراد, أي أن الإنسان ابن بيئته, مثلاً الشخص الذي يعيش بين خضرة البساتين وجداول المياه وزقزقة العصافير تكون معاملته مع أبناء جلدته من بني الإنسان لطيفة ورقيقة وقد تزداد أيضاً قريحته الشعرية, أما الفرد الذي يعيش في الصحراء تبدو عليه ملامح القسوة أكثر من غيره حتى أننا نجد ذلك في تصرفاته وأيضاً في ألفاظه و شعره فنلاحظ تلك المصطلحات المستعارة من البيئة الصحراوية القاسية ومن أشهر الأمثلة ما قاله أحد الشعراء للمتوكل عندما مدحه:
أنت كالكلب في حفاظك للود .. وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمتك دلواً .. من كبار الدلاْ كثير الذنوب
ولما أقدم حراس المتوكل على ضرب الشاعر منعهم المتوكل وأعلمهم أن بيئة الشاعر الصحراوية القاسية هي صاحبة المفردات القاسية التي تحدث فيها الشاعر.
ومدينتنا حارم أكبر دليل على صحة ما ذكرناه فالإنسان في حارم تربى بين أحضان الطبيعة ونهل من رونقها أفضل السمات بل كلها فترى التعامل معه سهلاً سلساً وأكبر المشاكل يمكن حلها بتقبيل الشوارب.
المدرسة التربوية المجتمعية والأخلاق والعادات والتقاليد يتمثلها الجميع دون استثناء فالمجتمع قمة في ذلك ويمكن القول أن الانحرافات معدومة وتطبيق ذلك يتناغم مع المستوى التعليمي للشخص وتأثيره في المجتمع.
 موضوع العمل في حارم, المجتمع زراعي صرف تنعدم فيه الأعمال الصناعية والتجارية وبالتالي غلاله السنوية محدودة وتعاملاته مقننة حسب حاجة أفراده فلا تجد من يفكر بإقامة مشروع صناعي أو تجاري أو غيره وترى فلاحنا ينتظر الموسم من عام لآخر وتفكيره ينحصر بشراء أرض جديدة أو تزويج أحد أولاده وغيرها من الأمور الشخصية الضيقة جداً.
هذا الأمر جعل احتكاكه بالآخرين نادراً مما جعل المجتمع شبه منغلق ضمن بلده ومن المفترض أن أي تطور لأي مجتمع كان يتطلب العلم والخبرات إضافة إلى المال وهنا إن وجدت الأولى فإنك لا تجد الثانية وبالعكس.
إن هذا التهذيب الذي اكتسبه ابن حارم من بيئته الجميلة وأعطاه جملةً من القيم قلَّ مثيلها عند غيره انعكست عليه في بعض الأحيان سلباً ودفع ثمناً لها من كده وعرقه ومن بعض تعاملاته مع الآخرين أحياناً أخرى فكيف ذلك؟.
إن المجتمع في حارم وكما قلنا سابقاً جلّه مجتمع زراعي يتعامل مع الأرض والنبات وبالتالي معظم أفراده تمتلك الصفات التالية:
1. مجتمع فطري يتعامل مع الآخرين بصدق كتعامله مع الأرض وبذلك يجد الدخيل على هذا المجتمع مجال لصيد الفرص من خلال تعامله مع أفراد المجتمع الذين يتعاطفون معه ويأخذون  بيده على محنته ويقدمون له ما استطاعوا من عون فتجده بعد فترة من استيطانه امتلك الأرض والبيت والسيارة والعمل على حساب أهل البلد.
2. دخل أفراده محدود يفي بحاجاتهم الضرورية فقط ولا يستطيع الفرد التصرف بما يملك من مال من أجل إقامة مشروع يدر ربحاً عليه ويحسن وضعه بتعليم لأولاده أو ترفيه له.
3. تركز رؤوس الأموال عند القليل من أبناء المجتمع ذوي التعليم المحدود والذين عملهم محصوراً بالزراعة فقط فلا أفق تجاري أو صناعي أو غيره عندهم.
4. المتعلمون من أبناء المجتمع وأغلبهم من ذوي الدخل المحدود معظمهم يسعون وراء الهجرة والانتقال للمدن الكبيرة من أجل تحسين أوضاعهم المادية.
5. كثيراً من سكان حارم والمتشعبي الانحدارات من الريف المجاور يشعرون حتى الآن أنّ لهم عائديه اجتماعية أخرى غير مجتمعهم الذي يعيشون فيه فنسمع هذا (معريتي أو سرديني أو قرقيني أو...........الخ).
6. التقليد الأعمى ومن دون دراسة النتائج في الزراعة والعمل عندما تنجح هذه الزراعة أو العمل مع أحد أبناء البلد.
هذه الأمور وغيرها تجعل المجتمع يراوح مكانه والبلد دون تطور وكل فرد يكتفي بما يحقق أو ينجز مهما كان وضيعاً بحيث يسد حاجاته وحاجات أسرته.
لابد إذاً من مراجعة ذهنية تجعل هذا المجتمع أن يقر بتغيير بعض السلوكيات والمنهجيات في مسيرته ولعلي أستطيع القول أنها بدأت فعلاً في جيل الشباب فنجد أنّ هناك محاولات ولو قليلة وخجولة في مجال العمل والتصنيع ومما يساعد في ذلك وجود رؤوس أموال بين الأيدي ولكن لا بد من وجود الدعم من المجتمع عامة ويتجلى ذلك في:
1.  الاستقرار في البلد.
2.  الانصهار في المجتمع بشكل جدي وعدم التعالي على أفراده.
3.  التركيز على العلم.
4. الابتكار العملي وتطوير العمل والبحث عن أعمال جديدة ترفد الشباب والمنطقة وخاصة في المجالات السياحية.
5.  التشجيع والحث على العمل.

هذا بعض ما استطعت أن ارمي إليه وقد أكون مخطئاً لعلي أجد مع أبناء بلدي الكريمين فرصاً للنهوض ببلدنا ومستقبل أبنائنا والله قصد السبيل. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق