الجمعة، 14 يوليو 2017

دراسة أثرية موثقة لحمام حارم

دراسة أثرية موثقة لحمام حارم
لمحة تاريخية:
حكم المماليك بلاد الشام بين سنتي 1250 و 1516، وقد تركوا بصمات عمرانية عديدة منها المعابد والمسابح والملاعب والحمامات.
وقد انتشرت الحمامات في المدن الشرقية القديمة مثل دمشق وحلب وحمص وحماه وحارم التي هي جزء من مملكة الألالاخ التي هي إحدى الحضارات الآرامية التي عاصرت مملكة حلب ومملكة عنجر ومملكة آرام فدان ويعود حمام مدينة حارم إلى الفترة بعد الفتوحات الإسلامية أي الفترة المملوكية منذ حوالي سبعمائة عام.
يتوضع هذا الحمام في وسط مدينة حارم قرب الجامع والسوق وبجوار القلعة الشامخة حيث استفاد من غنى المنطقة بالمياه وموقعه قريب جداً من مجرى ماء يقع إلى جواره وأعلى منه فيستفيد من هذا الماء دون عناء أو تكلفة.
وفي فترة هجوم المغول على سورية ردم الحمام بالكامل وأصبح أطلال وفي الفترة العثمانية أعيد ترميم الحمام وتعزليه على يد أسرة من (آل كوسا) من قرية (الحامضة) الموجودة لواء اسكندرون وأعيد فتح الحمام واستخدامه ومازال محافظاً على هيكليته البنائية حتى يومنا هذا.
بناء الحمام:
بني هذا الحمام على الطراز القديم الذي كان شائعاً في تلك الفترة حيث يقسم إلى أربعة أقسام رئيسية هي: القميم والجواني والوسطاني والبراني.
يطلق على الحمام في مدينة حارم اسم حمام السوق لقربه من سوق المدينة وهو من الأمور الجميلة والسياحية ضمن المدينة والتي ما زالت محافظة على أصالتها ورونقها.
وقد بني هذا الحمام على مبدأ الأقواس والقبب حيث كانت العمارة السائدة في تلك الفترة الزمنية وهذه الطريقة في البناء تعطي متانة وقوة للجدران بحيث ترتكز حجارة الجدار على بعضها البعض من خلال هندسة حجرة البناء وتوضعها التي تستفيد من ميول زوايا الحجرة بشكل يؤدي إلى تلاحم هذه الأحجار فنياً وهندسياً حتى لا تكاد تحتاج إلى طينة عجينية (أسمنت) تثبت الأحجار فوق بعضها البعض وهذا السبب الذي أدى إلى أن الحمام بقي محافظاً على بنائه وهيكليته حتى الآن.
  


الأقواس في البراني كما تبدو في حمام حارم




الأقواس في الوسطاني كما تبدو في حمام حارم

وقد اشتهرت العصور المملوكية في بلاد الشام بجمال حماماتها وبالنوافذ والكوات الزجاجية الموجودة في قبب الحمام بحيث تمنح النور الكافي للمستحمين داخل الحمام وهذا ما نجده في حمام حارم أيضاً.



الفتحات والكوات الموجودة في سقف حمام حارم من أجل الإنارة

أم اليوم فقد تراجع دور هذه الفتحات والكوات بسبب وجود الكهرباء في كل مكان والتي أنارت جميع مرافق الحياة بما فيها الحمامات.
أقسام الحمام:    
يقسم الحمام إلى أربعة أقسام رئيسية:
القميم: وهو المكان الذي يسخن فيه ماء الاستحمام، ويستعمل عادة (البيرين) إلى يومنا هذا كوقود للتسخين والبيرين هو الفضلات الناتجة عن عصر الزيتون.
الجواني: وهو مكان الاستحمام ذو درجة عالية من الحرارة ويقسم في حمام حارم إلى أربعة أقسام، كل قسم يحوي جرن لملئ الماء الساخن المعد للحمام، والأجران الأربعة الموجودة مصنوعة من الحجر وتستخدم حتى الآن حيث لم يطرأ عليها أي تعديل.




الجرن الحجرية الموجودة في حمام حارم




جرن حجرية أخرى موجودة في الوسطاني

أما أرض الجواني فهي مرصوفة بالبلاط وهو من الحجر القاسي الذي يتحمل درجة عالية من الحرارة.
الوسطاني: وهو مجموعة من المساطب ينتقل إلها المستحم للاستراحة من عناء الحمام ذات درجة حرارة أقل من درجة حرارة الجواني وتفيد المستحم بأنه لا ينتقل مباشرة إلى درجة حرارة منخفضة وهذا من الناحية الصحية مفيد للمستحم. وفي الوسطاني عادة يتناول المستحمون بعض المأكولات التي يجلبونها معهم مثل التبولة أو الفواكه وغيرها.
البراني: وهو آخر الأقسام وعبارة عن مجموعة مساطب مفروشة بالحصر والسجاد ويتم فيه تبديل وزرة الحمام بالمناشف ويجلس الشخص المستحم ليتناول المشروبات كالشاي أو القهوة المرة وقد يطلب الأركيلة أيضاً وبعض الفواكة كضيافة من صاحب الحمام.



صورة للبراني في حمام حارم تتواجد فيه البحرة بالوسط ويظهر قفص التنشيف فيها.

وفي وسط البراني توجد البحرة التي تترقرق فيها المياه الصافية والتي يحلوا الجلوس بقربها.
ونجد أيضاً مكاناً لتنشيف الوزرات والمناشف على حرارة هادئة توضع ضمن قفص طويل في أسفله يوجد البيرين المستخدم في حراقات الحمام.

تحقيق: محمد أحمد الأحمد - حارم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق