الثلاثاء، 25 يوليو 2017

توثيق معصرة زيت قديمة

معصرة زيت قديمة
تمهيد:
شجرة الزيتون شجرة مباركة ذكرت في القرآن الكريم وفي أحاديث الرسول محمد (ص) كما أن السيد المسيح باركها وكرمها وحمل غصن الزيتون شعاراً للسلام والمحبة والإخاء.
تقول أحدث الدراسات أن شجرة الزيتون نشأت أصلا في فلسطين ومنها انتشرت إلى سوريا وتركيا وإيران شمالا ، ثم إلى الجنوب عن طريق التجارة إلى أسبانيا وإيطاليا. وقد اهتم الفينيقيون بشجرة الزيتون فقاموا بزراعتها ونشرها في معظم دول البحر المتوسط ، كذلك اهتم بها المسلمون وأدخلوا زراعتها في شمال أفريقيا وأسبانيا والبرتغال.
وفي دراسة أخرى تقول: أن سورية الطبيعية هي أول من عرف زراعة الزيتون منذ أكثر من ستة آلاف عام حيث وجدت جرار الزيت في موقع إيبلا الأثري.
وللزيتون هذه الشجرة المباركة استخدامات كثيرة منها:
الطعام وبعدة أشكال منها على شكل زيتون أخضر بعد تحليته وعلى شكل أسود يسمى العطون أو بعد عصر حبات الزيتون والحصول على الزيت.
التداوي وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة " وعن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول  الله صلى الله عليه وسلم " ائتدموا بالزيت ، وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة ". [ أخرجه ابن ماجة ورجالة ثقات وصححه الحاكم ] .
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن لزيت الزيتون تأثير مفيد جداً لمرضى القلب وارتفاع ضغط الدم حيث أن الأشخاص الذين يتناولون زيت الزيتون بانتظام ضمن  الوجبات الغذائية اليومية يكون مستوى ضغط الدم عندهم طبيعياً .
وأظهرت العديد من الدراسات أن هناك تناسبا عكسيا بين تناول زيت الزيتون وبين حدوث عدد من السرطانات ، حيث وجد أن هناك علاقة وثيقة بين تناول زيت الزيتون و انخفاض معدل حدوث سرطان الثدي والمعدة . وأن تناول الزيت يقي من عدد كبير من السرطانات مثل سرطان القولون ، سرطان الرحم وسرطان المبيض .
وتشير الإحصاءات أن استعمال زيت الزيتون في الغذاء يخفض الإصابة بسرطان الثدي 35 % . وتعتبر أسبانيا أقل البلاد في إصابة سرطان الثدي لدى النساء .
إن تناول زيت الزيتون باستمرار في الوجبات الغذائية ، يساعد في تنشيط وظائف الكبد وزيادة إفراز العصارة الصفراوية من المرارة وكذلك إلى تلطيف الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء ، كما يؤدي إلى تفتيت حصوات الكلى والمرارة والحالب.
طريقة الحصول على زيت الزيتون (عصر الزيتون):
قام الإنسان منذ آلاف السنين بالحصول على زيت الزيتون من خلال عصر الزيتون والحصول على الزيت منه واستخدم لذلك الأدوات البدائية التي تمكنه من ذلك ولعل من أقدمها استخدامه لرحى الطاحونة (الجاروشة) التي يتم تشغيلها بواسطة الحيوانات ثم تدرجت بعد ذلك أنواع معاصر الزيت وتمّ تحديثها إلى أن وصلنا للمعاصر الحديثة التي تعمل بالطرد المركزي ومن أهم أنواع معاصر الزيت التي تمّ تحديثها:
المعاصر التقليدية الجاروشة
عبارة عن رحى حجرية تدار بواسطة الحيوانات وهي ذات تكلفة قليلة وتتميز بانخفاض الإنتاجية وانخفاض نسبة استخلاص الزيت.

  
صورة معصرة حجرية تدار رحاها بواسطة الحيوانات حصلنا عليها من مديرية سياحة إدلب

وقد وجدت أحدى المعاصر القديمة في منطقة البارة وسرجبلة التابعة لمحافظة ادلب والتي تعود للألف الثاني قبل الميلاد.
أقسامها :
قسم تجميع الثمار قبل العصر.
قسم الجرش ( الطحن ) ويظهر في حجر الرحى الكبيرة المجوفة.



حجر الرحى – معصرة زيت بيزنطية (مأخوذة من الانترنت)
قسم الضغط على المادة المجروشة.
قسم جمع الماء والزيت.



  



جرار فخارية لجمع الزيت بعد عصره وجدت في معصرة حارم

قسم الترقيد وفيه يتم فصل الزيت عن الماء بعد أن يتم طفو الزيت في الأعلى.



جرن يستخدم لجمع الزيت وترقيده وجد في معصرة حارم 





صورة معصرة قديمة في منطقة البارة وسرجبلة حصلنا عليها من مكتب الزيتون بادلب




    بعض أنواع العربات التي كانت تستخدم لنقل الزيتون والزيت داخل المعصرة (وجدت في معصرة حارم) 

2.    المعاصر التقليدية التي تعمل بأسلوب المكابس القديمة
وتعتمد هذه على طريقة الكبس باستخدام المكابس القديمة والتي تقادمت مع الزمن فانخفضت كفاءتها الإنتاجية وانخفضت نسبة الاستخلاص بها إضافة إلى حاجتها لكثير من أعمال الصيانة والأيدي العاملة وارتفاع نسبة فقد الزيت فيها.
3.    المعاصر التقليدية العاملة بأسلوب الكبس
وتستخدم هذه المعاصر المكابس الهيدروليكية الحديثة نسبيا وهي متوسطة الكفاءة ومتوسطة نسبة الفقد وحاجتها إلى الأيدي العاملة اقل منها بالنسبة للمعاصر العاملة بأسلوب المكابس القديمة.
4.    المعاصر الحديثة
وهي المعاصر التي تعمل بأسلوب الطرد المركزي ومنها ما يعمل بثلاث مراحل ومنها نوع احدث يعمل بمرحلتين. وتتميز هذه المعاصر بانخفاض عدد الأيدي العاملة اللازمة وارتفاع نسبة الاستخراج وجودة الزيت المستخرج.
وتعتبر محافظة إدلب من المحافظات الرائدة في زراعة الزيتون حيث تبلغ المساحة المزروعة بالزيتون في محافظة إدلب / 122036 / هكتار منها / 116517 / هكتار بعلي و / 5519 / هكتار مروي فيما يبلغ العدد الكلي لأشجار الزيتون حوالي 14 مليون شجرة منها 11 مليون و 700 ألف شجرة مثمرة .
وبناءً على ذلك  فإن معاصر الزيت تنتشر انتشاراً واسعاً حيث يوجد في محافظة إدلب 172 معصرة منها 170 معصرة حديثة تعمل بالطرد مركزي طاقتها الإنتاجية 5000 طن يومياً ومتوسط الطاقة اليومية لكل منها 30 طن ومعصرتان قديمتان عاملتان فقط واحدة منهما في مدينة سلقين التابعة لمنطقة حارم وقد تمّ تحديث هذه المعصرة التي يعود عمرها إلى / 150 /عام وأصبحت من النوع الثالث من المعاصر القديمة أي المعاصر التقليدية العاملة بأسلوب الكبس.
وسنتعرف على طريقة عصر الزيتون واستخلاص الزيت بواسطة هذه المعصرة.
•       طريقة عمل المعصرة:
تستخدم هذه المعاصر في عملها أسلوب الضغط أو الكبس إضافة إلى أقراص تسمى بـ (العلائق) أو الخوص وهي حالياً مصنوعة من النايلون وسابقاً كانت مصنوعة من الشعر (غنم أو ماعز).



العلائق أو أكياس الخوص-معصرة سلقين

يأتي الفلاح بمحصوله من الزيتون إلى المعصرة طالباً عصر إنتاجه من هذا المحصول وعادة ما يكون قد اكتمل نضج ثمار الزيتون في بداية فصل الشتاء أي شهر تشرين الثاني وحالياً تقوم الجهات المعنية في المحافظة (مكتب الزيتون والمكتب التنفيذي في المحافظة) بتحديد موعد جني وعصر الزيتون.
وقد يبقى هذا المحصول داخل المعصرة يوم أو يومين وذلك حسب عدد الزبائن المتواجدين في المعصرة يستقبله عمال المعصرة بالترحاب ويستلمون منه محصوله المعبأ في أكياس ويوضع هذا المحصول في مكان يخصص لهذا الزبون وهو عبارة عن جزء من المعصرة محدد بقواطع بلوك تفصل بين كل مكان والذي يليه تسمى بالمكسر.


(المكسر) مكان وضع محصول الزبون الذي يرغب بعصر زيتونه (من معصرة حارم) 

وتبدأ عملية العصر بالمراحل التالية:
1. يوضع الزيتون المراد عصره في الدلو وهو عبارة عن حوض يجمع فيه الزيتون العائد لزبون واحد.
2. ثم يتم نقله بواسطة سير ناقل إلى الغسالة وفي هذه الأثناء يقوم ساحب كهربائي بواسطة الشفط بسحب الأوراق العالقة بالزيتون.
3. يصل الزيتون إلى الغسالة بدون أوراق فيتم غسله بالماء وتنظيفه من الأتربة والأوساخ العالقة به.
4. ينتقل بعد ذلك إلى حوض تجميع الزيتون المغسول والنظيف.
5. ينقل الزيتون المغسول بواسطة سير ناقل على شكل حلزون إلى الكسارة (الجاروشة) والتي تدور بحدود / 7000 / دورة في الدقيقة ودرجة حرارة /30/ درجة مئوية حيث يتحول الزيتون المجروش إلى ما يشبه العجينة ويذكر هنا بأنه قد يضاف إليه بعض الماء الساخن إذا كان الزيتون غير كامل النضج أو قريب من اليابس (ناشف) وذلك للمساعدة في عملية العجن أو الجرش.
6. يبقى الزيتون المجروش بحدود / 30 / دقيقة في المعاجن.
7. توضع عجينة الزيتون بعد ذلك على شكل لفائف على العلائق (الخوص) وتضاف كل عليقة إلى التي بعدها على شكل عمود تطبق فيه العلائق فوق بعضها البعض وبحدود /100/ عليقة يتخلل بينها صاج حديد يساهم بعملية الضغط وبين الصاج والصاج الذي يليه أربع علائق (خوص) مليئة بعجينة الزيتون استعداداً لعملية الضغط.
8. يوضع عمود العلائق (الخوص) على عربة المكبس لتعريضها للضغط المسموح به ويقدر بــ( 400 كغ/سم2).
9. تعصر العجينة ويتم إنتاج الزيت مع ماء الزيتون (مستحلب يتم فرزه لاحقاً بواسطة فرازة آلية تدور بسرعة 7000/د في الدقيقة).
10. يعبأ الزيت في صفائح بعد الفرز ويتم تسليمه لصاحبه.
11. يتم بعد ذلك تفكيك عمود الخوص واستخلاص بقايا عملية العصر الناتجة والمسماة (البيرين) ويقدر الزيت المتبقي في البيرين بعد عملية العصر بحدود/ 5- 6 % / وللبيرين استخدامات عديدة منها:
1. إعادة عصره مرة ثانية واستخلاص زيت يستخدم في صناعة الصابون.
2. يستخدم في تصنيع أعلاف للحيوانات.
3. يستخدم في عملية الحرق حيث تصنع أقراص منه تعد خصيصاً للحرق.



العلائق وعليها عجينة الزيتون وبينها الصوج-معصرة سلقين




عمود الخوص تحت (المكبس) الضغط


البيرين

حموضة الزيت (الأسيد):
تعتمد جودة الزيت على نسبة الحموضة فيه فكلما كانت قليلة كان أجود وطعمه مستساغاً أكثر ويتم ذلك من خلال معايرته بماء مقطر معالج بماءات الصوديوم والكحول وكاشف فينول فيتالئين وتتم العملية كما يلي:
1. توضع قطرات من زيت الزيتون في أنبوب اختبار بحجم 10سم3 ثم ينقل إلى حوجلة.
2. ينظف الزيت العالق في أنبوب الاختبار بواسطة الكحول الذي يحوي على الكاشف.
3. يخلط المزيج بشكل جيد (خض المزيج بشكل جيد).
4. يضاف الماء المقطر للمزيج (الزيت+الكحول) حتى يظهر اللون الأحمر بشكل نهائي وبذلك تتحدد نسبة حموضة الزيت من خلال معرفة كمية الماء المقطر المستهلكة حتى ظهور اللون الأحمر.
5. تجارياً يقال لـ / 1 مل / بـ (الشخط) فإذا استهلك / 1 سم/ ماء مقطر يكون نوع أول أي بما يعادل / 10 شخط/ مثلاً يقال زيت نوع أول وثلاثة شخوط وهكذا أي استهلك من الماء المقطر 1سم3 و 3مل فقط.
عمل هذا النوع من المعاصر مكلف مقارنة مع المعاصر الحديثة فمن حيث عدد العمال فهي تحتاج لعدد أكبر يقدر من/ 7 -8 / عمال بينما في المعاصر الحديثة تتطلب بحدود ثلاثة عمال فقط ناهيك عن الفترة الزمنية التي تستغرقها عملية العصر ولكن كما أكد صاحب المعصرة فإن نكهة الزيت تبقى طبيعية بخلاف المعاصر الحديثة التي تستخدم الطرد المركزي وذات درجة الحرارة المرتفعة التي تحرق الزيت وتضيع نكهته.
توثيق محمد أحمد الأحمد - حارم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق